Welcome to almotanabibookshop

مكاتيب النارنج (رواية )

Author محمود عيسى موسى | Publisher المؤسسة العربية للدراسات والنشر

Publish Year 2001

Pages 2017

Book Chapters 1

Print Number 1



"من تاريخ المراهقة في أرض الديار إلى أزرار الياسمين في قميص حارسها.. في الليل وفي الأوضة المنسية وجدنا كراساً مخبأً في صندوق مرصع بأحجار كريمة وأصيلة لا أثر فيها لأي بريق كاذب. موسيقى تستمر ما استمر الكلام.. فتحنا غلاف الكراس وقرأنا العنوان، بين قوسين، واضح أن الكلمات كتبت تحت وطأة انفعال معين. أتراها ستبقى بزهوها إذا ما قرأناها بعد مرور زمن وبعد انقضاء فترة الانفعال، ولكن هل حقاً انقشع وزال هذا الانفعال. نقرأ ما خطته اليد بحروف زرقاء، قوس في البداية يعطف بانحنائه على كلمات تقطر كدم القلب، وقوس يختم الحديث كرأس طفل يغفو على كتف يجد فيه الراحة والأمان والاطمئنان أو ربما قوس كالبرج الناري تتحدث عنه الأفلاك... انحنت أم قيس على الذي ارتطم بسرب الحمام الزاجل الذاهل، مسحت جبينه بقطرات زيت الزيتون وهي تردد همساً صلوات توارثتها عن أمهات القبيلة وجداتها، ثم دست يدها في جيب عميق داخل جلبابها الواسع وأخرجت قربة جلدية مطرزة بخيوط فاقعة الألوان وطاسة نحاسية كتلك التي يطرقع بها باعة العرق سوس في الأسواق العتيقة وسكبت في الكاسة بعضاً من محتوى القربة وقربتها من شفتيه قائلة.. اشرب يمّه بالهنا والشفا. باستسلام تام شرب السائل الأصفر المنعش غير أنه سرعان ما تقلصت ملامحه وانقبضت أساريره، فشراب الطاسة كان عبارة عن عصير الليمون الحامض الصافي. طعم جديد لم يألفه، فقد كان يعرف قليلاً طعم الحلاوة وكثيراً طعم المرارة، لكن هذا الاكتشاف الجديد في حاسة التذوق لديه لم يكن مألوفاً على لسانه، وحار في أحاسيسه وحواسه هل يحب هذا المذاق أم لا؟ "ما بين بعدك وشوقي إليك، وبين قربك وخوفي عليك، دليلي احتار، تغيب عني وليلي يطول، وفكري في هواك مشغول، أقول امتى أنا وأنت حَ نتقابل، نتقابل مع الأيام، ولما القرب يجمعنا وأفكر في زمان بعدك، وأخاف يرجع يغرقنا وأقاسي الوجد من بعدك" دليله احتار في تقييم المذاق والحكم عليه.. تذكر أنه سمع في حكايات طفولته عن أشجار الليمون التي تزهر وتثمر في عالمه الأولي الذي اقتلع منه وفي عالمه الثالث الذي عزل عنه. الليمون الحامض كانت عمته تقول هو ما يمكن أن أستبقيه كعلاج وحيد وفريد ولو حرمت من كل العقاقير والأدوية، فاختلطت في ذهنه حكايات عمته وحكايات أم قيس، كان يسمع صوت أحداهما مؤكداً بأن الليمون غني بالفيتامين سي.. ويواصل صوت الأخرى جدي كان يقطف لي كل صباح ليمونة، ليمونتنا كانت من عجائب الأشجار في البيت الشامي العتيق، لقد زرعها جد جدي يوم تمّ بناء الدارة التي صممت بلا نوافذ إلا تلك المطلة على أرض الديار، الباحة الداخلية، لماذا؟ خوفاً من أن تفكر بنات الأبناء والأحفاد باستراق النظر إلى العالم الخارجي فتفسد فيهن الأخلاق..". "مكاتيب النارنج" تحمل عبقاً يتسلل مع رائحة النارنج والليمون والياسمين وو... المزروع في تلك البيوتات الدمشقية... ذكريات متسللة من حضنها وكأنها مشاهد حية تضج بالحنين وبالحركة وبالغناء، وبالموسيقى. نمطية سردية خفيفة الظل تتسم بها مكاتب محمود عيسى موسى، تستكين إليها نفس القارئ، وتنسل بهدوء إلى زاوية من زوايا الذات تحرك الصامت من المشاعر فيها، وتصدح داخلها تلك الأغاني التي اختارها الروائي مقاطع بتقاطع في ثناياها الواقع مع الحلم لتند عن الرواية أناشيد إنسانية عذبة.. هي أعذب ما يكون.

Price

32.2 RS


Qty
1

Other books by author