يمكنكم الان الطلب عبر الموقع الالكتروني والاستلام من الفرع الرئيسي في شارع المستشفى المركزي حي البادية فقط 

رقم التواصل عبر الواتساب 0553708298

الثعالب الشاحبة

المؤلف يانيك هاينيل | الناشر دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع

سنة النشر 2016

عدد الصفحات 187

الترقيم الدولي 9789933540081

المترجم ماري الياس

عدد الأجزاء 1

رقم الطبعة 1



تتبنى رواية الكاتب الفرنسي يانيك هاينيل «الثعالب الشاحبة» (دار ممدوح عدوان- أبو ظبي، ترجمة ماري الياس ومعن السهوي)، منطق المخالفة لفضح ما تخفيه المجتمعات التي تطرح نفسها كمجتمعات متفوقة. بطل الرواية يهوى العزلة الى حد أنّ صديقاً له صاح عند رؤيته مهللاً لأنه كان يعتقد أنّ صديقه «مات». فلا أحد يراه ولا أحد يعرف عنه شيئاً. يقضي أشهراً كاملة من دون أن يتكلم فيها مع أحد: «تخلص جسدي شيئاً فشيئاً من كل ما له علاقة بالكلام». يعيش في سيارته المركونة في شارع يعجبه بسبب طريقة إنارته ليلاً. الوحدة التي يعيشها لم تكن نابعة من أي نوع من الشقاء، بل من الرغبة في أن يكون شخصاً مستقلاً. هذا ما جعله يتعرف إلى «آنا» التي تقوده إلى احتفالات جماعة متمردة تسمى «الثعالب الشاحبة»، تجتمع في المقابر ليلاً فتمارس طقوسها الخاصة وتخطط لإحداث الشغب في باريس الهادئة، وهذا ما ينجحون به فعلاً. أمّا لقب «الثعالب» فلا يحظى به غير الذي يرفض منطق الحضارة الحديثة التي أرستها أوروبا على أرضها. و «الثعلب الشاحب» هو من يرفض سلطة الأوراق الثبوتية، ويفند ادعاءات اوروبا الديكارتية (العقلانية). وهنا يمكن أن نستشف معنى سؤال الكاتب الفرنسي يانيك هاينيل في بداية روايته: «هل مشيتم في شكل معكوس من قبل؟». تقوم ثيمة الرواية على فكرة «الهوية- اللعنة». فالمجتمع يريد لنا هوية معينة كي تسهل مراقبتنا فيما علينا أن نتخلص من هذا المنطق. وهذا ما يسعى اليه بطل الرواية حين ينضم الى مجموعة ينتمي معظم أفرادها إلى القارة الافريقية. يُتلف بطاقته الشخصية لأسباب تبدو متعلقة بتعاطفه مع «الثعالب الشاحبة»، لكنّ القارئ يُدرك أخيراً أن الكاتب أراد فضح ماهية أوروبا، بوصفها: «الجزء الثمين للكون الأرضي، جوهرة الكرة، دماغ جرم مترامي الأطراف». كأنه يريد القول إنّ أوروبا أرض ترفض أن تكون مجرّد وجهة جغرافية، فأضفت على نفسها وجهة روحية لتغدو مشروعاً أو ربما فكرة لانهائية، أي كلية. ولأن كل شهادة ميلاد هي إعلاء فرادة ما، فإن «الثعالب الشاحبة» صوتوا ضد فكرة «الأوراق الثبوتية». صوّت اولئك الذين لا يمكنهم الصمود في وجه التفتيش، أي المطالبة بأوراق هوية. ينخرط بطل الرواية أكثر فأكثر بتلك الحركة التي أسسها أحد المهاجرين غير الشرعيين، لقبه «الراوي»، وصار ارتداء الأقنعة ميزة الجماعة. رأس السمكة هو أحد أقنعة الثعلب الشاحب الصغير الذي يرمز الى الحركة. كان الثعلب بمثابة الحيوان الفوضوي الذي ثار ضد البشر. إنه غير محب للبشر، يسكن قلب الدمار، الأمر الذي يجعله عالماً بالخراب الذي يجتاح العالم في الوقت الراهن. وحشيّته فنّ، تجعل منه متمرداً منذ بداية الكون. وبحسب الأسطورة لدى شعوب افريقيا، خلق الثعلب الشاحب الفوضى من اللحظة التي تحرر فيها من المشيمة وهاجم أباه، رافضاً النظام الذي أرساه. وبذلك استطاع الوصول إلى خفايا الأشياء والتعرف الى عالم الموتى. وعقاباً له على تدمير فكرة الانتماء، حُرم الثعلب الشاحب من ملكة الكلام، وطرد خارج المجتمع ليعيش في وحدة لا يمكن تحملها، وليكتب المستقبل بقوائمه. فكان يمر كل ليلة على لوحات التنبؤ التي يرسمها الكهنة في الرمل. هكذا استقر الثعلب الشاحب في باريس عبر الأقنعة. كان كل واحد منها بمثابة إعلان حرب، فالأرواح التي تجسدها تقول لسكان هذا العالم الصغير الشاحب الذي نعيش فيه إنّ حياتنا خاملة ومملّة وبأنه من السخافة أن نعتقد بأننا أحياء، ما دمنا لا نحارب بعنف ضد كل ما يستعبدنا، وما دمنا لم نقلب هذا الواقع الذي يقتلنا. كان كتاب الحركة هو عبارة عن قصة أسطورية تعود الى آلاف السنين، لكنها أيضاً من أكثر القصص شباباً، قصة تحمل الأمل بغد يمكن أن يعاش، غد يكون فيه للسياسة معنى، بعدما تعفن الحلم الغربي القديم بالثورة. تلك الأقنعة التي كانت تخيف البطل، في بداية انضمامه الى الحركة، صارت تشكل ملمحاً أساسياً لحياته اليومية، فهم أن كل واحد منها يرسم خطاً يربط ما بين الأحياء والأموات. هوية جديدة بعدما قدم بطل الرواية بطاقته الشخصية الى زعيم الحركة، الشخص الذي قام بتقطيع البطاقة بالمقص قبل أن يرميها في صحن سجائر ليحرقها. «الثعالب الشاحبة» نص غني بالرموز، يحذر من البطالة باعتبارها الأفق الذي ينحو إليه عالم مهووس بتصنيف الناس بحسب المردود المادي الذي يعودون به. يحمل في طياته تمرداً هائلاً على الحضارة الحديثة: «من أجل أن تستفيقوا من سباتكم، أحرقنا لكم سياراتكم وجعلنا من قمامتكم وقوداً لنار الفرح هذه. ألا يتلخص عالمكم بهاتين الكلمتين: سيارات وقمامة؟ القمامة والسيارات هما منجزكم الأكبر الذي تسمونه حضارة». تندلع الثورة إذاً في باريس النائمة، فتشكّل مفاجأة صادمة لتُحدث من ثمّ فوضى تهدد الثوّار وكل من يعتقد أنه يحكم البلاد. علماً أن الثورة لا تقوم بدافع الغضب أو المطالبة بالحقوق، بل كحركة رفض لشيء لا يدركه المرء لأنها قائمة على عدم الاعتراف بوجوده. عندما تأتي هذه اللحظة تُضاء الحدود بين الممكن «في الحياة» وغير الممكن، تُضاء بنور جديد. هذه اللحظة لا تعيد رسم الحدود فحسب، بل تلغي فكرة الحدود من أصلها، بحيث يكفي أن يصيب اللاممكن بعضنا ليصبح الممكن غير موجود بالنسبة إلى الجميع. «لم نحتج إلى جهد كبير كي نضرم النار، فمن السهل أن تحيل إلى لهيب عالماً كان يحترق من الداخل جراء الفوضى التي تعمه». «الثعالب الشاحبة»، ذكرت فرنسا بالمجازر التي ارتكبتها في مستعمراتها القديمة، كما في اسطيف» وفي «قالمة» في صيف عام 1945 في الجزائر، أو في السنغال عام 1944 وكل الجرائم والتعذيب والمقابر الجماعية في الكاميرون ومدغشقر وساحل العاج. إنه الجرح المفتوح بين الحضارات، بين حضارة أوروبا المتعالية سلفاً كحضارة مستعمِرة، وبين الحضارات الأخرى المستعمَرَة، إنه جرح عتيق برفض الالتئام.

السعر

39.1 ر.س.


الكمية
1